الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية حتى لا تزحف الاموال المشبوهة على الإعلام التونسي

نشر في  14 أوت 2014  (10:41)

يبدو ان قرار الهيئة المستقلة للاتصال السمعي القاضي بايقاف بث برنامجي «ناس نسمة» لمدة شهر و»يحدث في تونس» لأسبوع فتح الباب امام جملة من الاسئلة عن تدخل الاموال المشبوهة في بعض وسائل الاعلام التونسية، بالنظر الى هشاشة الوضع الانتقالي الذي تشهده بلادنا، بالاضافة الى الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة. التدفّق المالي المستراب على عدد من المؤسسات الاعلامية من شأنه التأثير على خطها التحريري خاصة وان جلّ هذه المؤسسات تمرّ بصعوبات مالية صعبة في ظل تأخر حسم الحكومة في ملف الاشهار العمومي.
في خطوة اثارت استنكار عديد الوجوه الاعلامية و الحقوقية، استضافت يوم الاثنين 04 اوت الجاري شخصيتين من ليبيا استغلتا المنسوب العالي لحرية الرأي والتعبير لتبثا أفكارا أقرب ما تكون الى البيانات الحربية منها الى الآراء الحرة والمسؤولة. وقبل ذلك بيوم واحد انتهز ضيف ليبي حضوره في برنامج «يحدث في تونس» على شاشة قناة حنبعل ليروج لذات الخطاب الداعي للتقاتل والكراهية.
تبييض الارهاب؟!
وقد اقرّت الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري بإيقاف برنامجي «ناس نسمة» لمدة شهر و «يحدث في تونس» لمدة اسبوع. وفي لهجة صارمة تحدثت بيانات «الهايكا» عن «تضمن برنامجي نسمة و حنبعل دعوة صريحة الى العنف والحرب والتباغض من قبل ضيفين ليبيين دون ان يقوم مقدما البرنامج بدوره في التذكير بالضوابط القانونية لحرية التعبير في تونس وعدم قدرتهما على ادارة الحوار بصفة متوازنة.»
كما اشارت نقابة الصحفيين التونسيين في بيان لها الى فتح قناة نسمة المجال مطولا لضيفين ينتميان الى الجماعات المتطرفة لبث الدعوات المباشرة للاقتتال والحرب والفتنة والترويج للإرهاب و تبييضه في صيغة تحتوي على كثير من المغالطة واستبلاه للمشاهدين بعد أن أصبغت عليهما القناة صفة محللين سياسيين لتسهيل تقبل رسالتهما وتغليف الإرهاب بموضوعية كاذبة.»
هذه الاستضافة المسترابة فتحت باب التساؤل عن تدخل الاموال المشبوهة في الخط التحريري للقناتين المذكورتين على مصراعيه. المال الفاسد والمشبوه مقابل مساحة حرة لتبييض الارهاب و بث افكار مسمومة وملمعة لصورة من يدفع اكثر. بل هناك من تحدث عن وقوف القيادي الليبي عبد الحكيم بلحاج وراء حملة البروباغندا المدفوعة الاجر بالقناتين.
وذهب البعض الاخر الى ان ما تم بثه على القناتين يدخل في سياق «الاشهار السياسي والذي عرفّه المرسوم 116 لسنة 2011 المنظم للقطاع السمعي البصري بكل عملية اشهارية تعتمد اساليب وتقنيات التسويق التجاري الموجه للعموم بهدف الترويج لشخص او لفكرة او لبرنامج او لحزب اومنظمة سياسية بواسطة قناة اذاعية او تلفزية(..) من اجل استمالة اكثر ما يمكن من المتلقين الى تقبل افكار او قادة او حزب او قضية والتاثير على سلوك واختيارات الناخب.»
تورط حقوقيين واعلاميين تونسسين
خيوط الصفقات المشبوهة اكدها الاعلامي توفيق العياشي رئيس تحرير اسبوعية اخر خبر عندما خرج عن صمته ليتهم عبد الحكيم بلحاج بمحاولة ارشاء جريدته بمبلغ مالي يناهز الاربع مليارات مقابل تلميع صورته و ازالة ما علق بها من تهم بالوقوف خلف مقتل شكري بلعيد او الاشتباه بتورطه في عدد من الجرائم الارهابية ببلادنا في الانوة الاخيرة. وفي تصريخ لاخبار الجمهورية يقول العياشي انه لم يشأ الحديث عن هذه المراودة القذرة لاخر خبر والتي تعود الى اشهر خلت و بوساطة وجوه اعلامية وحقوقية تونسية ولكن ما جدّ على منبري نسمة وحنبعل حثه على عدم ملازمة الصمت ازاء ما يجري.
ولعلّ ما يحدث خلف كواليس بعض المؤسسات الاعلامية يطرح جملة من التساؤلات حول الخط التحريري لهذه الوسيلة الاعلامية او تلك. لا يخفى على احد استعانة مؤسسات اعلامية بعينها بوجوه اعلامية عرفت بولائها لنظام المخلوع، ثم ان تخلي عدد من القنوات عن بعض الاسماء الاعلامية والصحفية المعروفة باحترافها ووسطيتها ( ابعاد سفيان بن فرحات و سفيان بن حميدة ونصر الدين بن حديد من نسمة و عز الدين جراد من حنبعل، هل هي وليدة ازمات مالية خانقة ام تخلص من عبء بشري قد يقف حاجزا امام عقد بعض الصفقات مع من يدفع اكثر.
اما بالنسبة للمشهد المكتوب فإن تحكم بعض رؤوس الاموال  في عدد من الصحف بات يثير اكثر من استفهام، خاصة وان ما يكتب على اعمدة البعض منها لا يرتقي الى منزلة الاخبار او المادة الاعلامية بل مجرد مهاترات و حملات تشويهية تمس من اعراض الناس وتستبيح حياتهم الخاصة ضاربة عرض الحائط اخلاقيات المهنة.
من المفروغ منه ان الامكانات المالية اكثر من ضرورية لأيّة وسيلة اعلام للاستمرار و مواكبة التطور التقني المهول في عالم الصحافة الا ان تدخل بعض الاطراف سواء كانت احزابا او منظمات او شركات او اشخاصا في الخط التحريري لهذه المؤسسة او تلك مقابل ضخ اموالها المشبوهة سيعود بالضرر على المرحلة الانتقالية وعلى الواقع الاعلامي التونسي. فليرفع البعض يده عن السلطة الرابعة في تونس.


رئيس «الهايكا» النوري اللجمي:
 عيوننا لن تغفل عن الاموال المشبوهة

القرارات الحازمة للهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري بخصوص نسمة وحنبعل هي اشارة البداية «للهايكا» لتكثيف الرقابة على المشهد السمعي البصري لتسليط الضوء على التمويل المشبوه. كما ستنظر الهيئة في مدى مطابقة المؤسسات الجديدة من قنوات واذاعات لكراسات الشروط. وفي هذا السياق انتدبت «الهايكا» مؤخرا 14 مراقبا للتعويل عليهم في الجانب الرقابي في الفترة القادمة التي ستعرف فيها بلادنا انتخابات تشريعية ورئاسية، بينما ستتكفل الهيئة المستقلة للانتخابات بمراقبة الصحف الورقية والالكترونية.


يوسف الوسلاتي عن نقابة الصحفيين:
زواج مُستراب بين الاموال المشبوهة والارهاب

صحيح اننا في نقابة الصحفيين لا نملك المعطيات الكافية لتأكيد تغلغل المال الفاسد في الاعلام، لكننا نستشعر خضوع بعض المؤسسات الاعلامية للتمويل المشبوه. ولا يخفى على احد الزواج المستراب بين  الاموال المشبوهة وبين الارهاب. اما بالنسبة لغزو بعض الليبيين للمشهد التونسي في الاونة الاخيرة فانه مرتبط اساسا بسعي هذه الجهات لربح معركة اعلاميا قبل الميدان، ولا نستغرب ضخهم لاموال طائلة على عدد من التلفزات او الاذاعات او حتى الصحف لتلميع صورتهم. وليس من حق الاخوة الليبيين استغلال حفاوة الاستقبال التي يلاقونه في تونس للتدخل في الشأن الداخلي لبلادنا.

الاعلامي نصر الدين بن حديد:
محلّلون سياسيون بأّكثر من قُبّعة

هناك  ممن يوصفون بالمحللين السياسيين والاقتصاديين في برامجنا يرتدون اكثر من قبعة خلال مرورهم بالمنابر الحوارية. تجدهم تارة يتحدثون كمحللين مجردين من أي انتماء سياسي، ثم يتم تشريكهم في برامج اخرى بصفتهم ممثلين عن احزاب بعينها مما يسمح لهم بالتأثير على المشاهد عبر خلطهم المقصود بين التحليل والاستنتاج و الاخبار والقناعة السياسية. اما الشأن الليبي فقد قسم الطبقة الاعلامية التونسية الى شقين: فريق يروّج للعسكري الليبي خليفة حفتر(قناة التونسية) وآخر لعبد الحكيم بلحاج وجماعته. واقتقد جازما انه كلما اقتربت الانتخابات التشريعية والرئاسية التونسية كلما تم التخلي عن المعايير الاخلاقية في التناول الاعلامي للشأن السياسي.


محمد الجلالي